"عرفت الصديقة الرائعة سميرة الخليل في حمص ... كانت صديقة شقيقتي أملْ .
كانت الصديقة الغالية على قلوب أهل البيت وكان العزيز ياسين الحاج صالح لا يزال في السجن .
وعرفتُ سميرة في دمشق... حين خرج ياسين من السجن وصوّرنا معاً فيلم " رحلة إلى الذاكرة " في أواخر عام 2005 عن سجن تدمر والخوف.
جاءت سميرة برفقة ياسين ذلك الفجر قبل انطلاقنا في رحلة الفيلم ... يداً بيدٍ لمحتهما ... يداً بيدٍ يقتربان ... صعدنا إلى الميكروباص جميعنا ... نظرتْ إلينا بفرح ... وقالت لي بعينين دامعتين : أنا فخورة بكِ .
لم تعرف سميرة ماذا فعلت بي هذه الجملة وتلك النظرة القويّة الحنونة العميقةْ المبللة بالأملْ وأنا أبدأ فيلمي .
وعرفتُ سميرة حين رأينا معاً الفيلم في نسخة العمل ... وأذكر كيف شهقتْ وهي ترى ياسين حبيبها وزوجها يتحدّث عن السجن ... وعن فكرة استيطان السجن كي يستطيع المرء المقاومة ، كي لا ينهار . وعرفتُ سميرة في دمشق ... في لقاءاتْ كثيرة عابرة لم تكن مخطّطة للقائنا الثنائي لكنّ اللقاء كان يتحول إلى شيْ من هذا ... كانت دائـماً تحتاج أن تطمئن على الآخرين ... تحبّ الآخرين ... لقاءات ذات ملمح متصل كرسته سميرة منذ اللحظة الأولى للقاء بها : الصّدق . .
في كلّ تلك المراحل ... كنت أرى إنسانة رقيقة نبيلة ... تنثر طاقة الخير وغيمة من أشواق حولها . لا أعرف كيف نشأت علاقة أشعر أنها صداقة حقيقية بيننا . كانت في كلّ لحظة التقيتها .. أو قرأت لها على الفيس بوك ... تبعث في أعماقي عمق صدقها وقّوتها الحنونةْ ... وبتّ أدلّعها ... وأقول لها : سمّورة . كانت تلك رسائل تضامني معها وهي تحت الحصار في الغوطة الشرقية : سمّورة .
عبر ثلاث سنواتْ الثورة... كانت سميرةْ شجاعة بلا استعراض ، بخفوت قلب المحبّ الواثق وهو يصغي للحبّ والحريّةْ . في عام كاملٍ من الحصار أو قبل وبعد مجزرة الكيماوي التي عايشتْها عن قربْ لم تكتب تذكّرنا أنها أيضاً معتقلة سابقة ، أو تصيغ مفردات تشي بأنها تريد وتحتاج تكريس بطولتها أو التضامن معها كمعتقلة سابقة ... سميرة تتحدّث دائماً عن الآخرين في كتاباتها .
ورغم أنها عاندت من أجل البقاء في المناطق المحرّرة ، إلا أنها في كتاباتها على الفيس بوك من قلب الحصار كانت تمرّر معاناتها الشخصيّة بطرافة وإقلالْ ، لتكتب بجدّية وتفصيل وجذريّةْ وخوف عن وجعها على الناسْ .
وثقتْ المناضلة الحرّة السلميّة سميرة الخليل بالجيش الحرّ وبالعيش في المنطقة المحررة ، وثقت بعناد .
لن يسامح السوريون من كسر ومن يكسر هذه الثقة ... من يسلبنا كلّ أمل بنيناه كي ننجو بسوريا من الخراب إلى المستقبل إلى سوريا العدالة والمدنيّةْ .
الغالية سميرة الخليل ... الحرّية لكِ ولكلّ معتقلْ .
وَ ... إنني والألم يعتصر فؤادي على اعتقالكِ واعتقال الرائعة رزان زيتونة ووائل وناظم الرائعين والرائعين الآخرين في معتقلات الإستبدادين ، أقول لكِ بعيون غارقة في الأثرْ ذاتهِ :
سمّورة كم أنا فخورة بكِ وكم أحبّكِ .
كم أحبّكمْ ...
كم نحبّ ...